حزب جبهة التحرير الوطني
كلمة الأمين العام للحزب الأستاذ بن مبارك عبد الكريم
خلال افتتاح الدورة العادية الثانية للجنة المركزية
يوم 07 جانفي 2024 بقصر المؤتمرات “عبد اللطيف رحال” اسطاوالي
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
– الإخوة والأخوات أعضاء اللجنة المركزية،
– السيدات والسادة ممثلي أسرة الإعلام،
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
يسعدني أن أفتتح أشغال الدورة الثانية للجّنة المركزية، ويطيب لي أن أسدي لكم جزيل شكري وخالص عرفاني على مشاركتكم المكثفة، التي تؤكد وفاءكم الدائم لحزبكم وغيرتكم على قيمه ومبادئه وحفاظكم على ريادته.
إخواني، أخواتي،
نلتقي اليوم في إطار هيئتنا الموقرة، ونحن موحدون، متماسكون، في إطار حزب جبهة التحرير الوطني، هذا الحزب التاريخي المتجذر في أعماق الشعب، والذي يحتل صدارة المشهد السياسي في بلادنا بإرادة الشعب الجزائري.
وكيف لي أن اخاطبكم، في مثل هذه المناسبة، التي ينتابني فيها شعور عميق بالامتنان والعرفان، إزاء الثقة التي وضعتموها في شخصي المتواضع، في مشهد ديمقراطي مميز، ومن خلال تزكيتكم السيدة، التي تعكس وعيكم النضالي والسياسي والوطني، وتجسد إرادتكم في ضمان استقرار حزبنا، هذا الاستقرار الذي نحرص عليه ونعتبره خطا أحمر، لا يسوغ لأي كان، وتحت أي ظرف، أن يتجاوزه.
وإنه ليشرفني أن أتقدم إليكم جميعا، بخالص الشكر وعظيم الامتنان على ثقتكم الغالية، التي أعتز بها أيما اعتزاز، ولكم أن تتأكدوا بأن هذه الثقة تقوي قناعتنا بالعمل الجماعي التشاركي والتعبئة المستمرة للخبرات والكفاءات، التي يتوفر عليها حزبنا، والاشتغال بروح التوافق والتعاون لـتأمين الأداء الحزبي بالشفافية المطلوبة والنجاعة المأمولة.
الآن، وقد قام المؤتمر الحادي عشر، بشفافية تامة، وفي إطار قانوني وشرعي، وأمام الرأي العام الوطني، بالحسم نهائيا في مسألة الشرعية، من خلال انتخاب اللجنة المركزية وتزكية الأمين العام بالإجماع، في أجواء ديمقراطية، أرى أنه من واجبنا جميعا أن نحمد الله ونشكره على هذا التوفيق والنجاح، وأن نجعل من هذا النجاح نقلة نوعية لحزبنا بتماسك أشد وعزيمة أقوى.
نلتقي في هذه الدورة لنجدد تأكيدنا على أن حزبنا هو الخادم المخلص لهذا الوطن، والوفي الدائم لرسالة الشهداء، والملتزم بمرجعية البيان المؤسس لثورة نوفمبر المجيدة، والشريك الأساس في بناء الجزائر القائمة على القانون والعدل والحرية، والحريص على المصلحة العليا للوطن.
وإن ما يعطي هذه الدورة خصوصية مميزة هو أنها تأتي بعد مؤتمر ناجح، سفه به حزبنا أحلام من كانوا يراهنون على الفشل، كما أنها ستحدد معالم المرحلة المقبلة، بما يضمن أن يكون نشاط حزبنا واسعا وفعالا ومتعدد الجبهات.
وإننا مطالبون في هذه المرحلة بالحرص كل الحرص على وحدة الحزب والحفاظ على انسجامه ووضع مصلحته فوق الاعتبارات الشخصية.
إني أؤكد بأن الأطر الشرعية للحزب مفتوحة للحوار والنقاش وإبداء الرأي وصراع الأفكار، بما يعني أنه لا مجال للتصريحات الفردية وتبادل الاتهامات وعقد الاجتماعات في المقاهي وقاعات الحفلات.
ولا مجال للقفز على المبادئ والقانون الأساسي وخيانة الأمانة، والزج بالحزب في متاهات الفوضى والصراع الداخلي.
كما أنه لا مجال للولاءات المشبوهة، والجهويات المقيتة، وسلوكات التسلط، والتكتلات المريبة.. فنحن حزب واحد، نحتكم جميعا للقانون ولا شيء آخر غير القانون.
علينا جميعا أن نتجاوز الأنانيات والمهاترات وكل السلوكيات المنافية لأخلاقيات النضال، والتي ترمي إلى عرقلة مسار حزبنا وإضعاف أدائه وتشويه صورته والإضرار بسمعته.
وقد سبق لي، في كلمتي التي ألقيتها على مسامعكم عقب تشريفي بثقتكم، أن أكدت بأني أكثر تمسكا بكل ما يجمع، وأنه لا نية لي في إقصاء أي أحد، فليس هناك في برنامجي لا إقصاء ولا تهميش ولا تصفية حسابات.
وإني من منطلق الشعور بالمسؤولية، أدعو إطارات الحزب، خاصة الذين لم يحالفهم الحظ في أن يكونوا ضمن هذه الهيئة القيادية، إلى تعزيز وحدتنا، وأؤكد لهم ولغيرهم من الإطارات، ولكل أبناء الحزب، الذين تعرضوا للإقصاء والتهميش، والذين تم إبعادهم ظلما، أقول لهم: إن يدي ممدودة إلى كل واحد منهم، وإنه مرحب بهم في حزبهم، الذي هو في أمس الحاجة إليهم وإلى خبرتهم وعطائهم.
وكما تعلمون، فقد قمت منذ تنصيبي أمينا عاما بإطلاق مبادرة ترمي إلى جمع الشمل ورص الصف، وقد استجاب عدد كبير من إطارات قيادية محترمة لدعوتنا، من خلال حضورهم لمقر الحزب، وهذا بعد سنوات طويلة من الغياب أو التغييب.
إن أبواب حزبنا مفتوحة أمام كل أبناء الجزائر الغيورين على وطنهم، الشباب، المرأة، الإطارات، الكفاءات الوطنية، الأساتذة والمربين، أهل الثقافة والإبداع والإعلام، العمال والفلاحين، وكل الذين يتقاسمون معنا النظرة لبناء الجزائر.
إن حزبنا يعبر عن رسالة الوطنية الصادقة، والتي ستظل محملة بإرث الشهداء والمجاهدين، وإنني أحرص على ربط علاقات وثيقة مع منظمات الأسرة الثورية، المجاهدين وأبناء الشهداء وأبناء المجاهدين لصيانة الإرث التاريخي وحماية الذاكرة الوطنية والحفاظ على قيم ومبادئ الثورة التحريرية.
وأغتنم هذه السانحة لأتوجه بالتحية إلى مناضلاتنا ومناضلينا ومواطنينا في الجالية المقيمة بالخارج، وسنحرص على وضع آليات التواصل معها بالجدية المطلوبة، لتعزيز روابطها بالوطن.
أيتها الأخوات، أيها الإخوة،
معا، إخواني أخواتي، سنمضي قدما، مزودين بنتائج المؤتمر الحادي عشر ولوائحه، لنفتح صفحة جديدة في مسيرة حزبنا، نطوي بها كل الصفحات، التي لا تُشَرفْ ولا تعطي صورة جيدة عن حزبنا.
هذه إحدى أولوياتنا في هذه المرحلة، بعد أن طوينا صفحة، لا أريد أن أتوقف عندها أو أتعرض لها بالنقد أو الطعن أو المساءلة، فالمهم اليوم، بالنسبة لي ولكم، ليس اجترار الماضي ولا تغذية رواسبه وأحقاده، إنما المهم هو ماذا يجب علينا القيام به لإعادة بناء الثقة والاستعداد لما هو آت من استحقاقات بصفوف موحدة ومتراصة.
إن طموحنا المشترك هو أن نجعل من حزبنا في هذه المرحلة الجديدة من مسيرته، حزبا للمناضلين، حزبا ديمقراطيا جامعا، يسوده الحوار والنقاش وصراع الأفكار، شريطة أن يكون ذلك في إطار الالتزام بالقوانين التي تحكم سير الحزب ومراعاة مصلحته وعدم الإخلال بوحدته واستقراره.
وقد سبق لي أن ذكرتُ بأن حزبنا يمثل التشكيلة السياسية، التي تجسد الطموحات العميقة للمواطنين، وإن دورنا هو أن نتحاور معهم وننصت إليهم، بل وأكثر من ذلك أن نستمع إليهم بكل التواضع، الذي يليق بالنضال الصادق والشريف، وما يقتضيه من تواصل دائم مع الشعب، فبالشعب نكون وبدونه لن نكون.
إن الآمال الكبيرة، التي يثيرها تجديد حزبنا، تجعلنا مرغمين ومجبرين على القيام بتحليل وفهم كل القضايا الكبرى، التي تشغل بال المواطنين، وإنه لا مجال للحياد أو الانكفاء على الذات.
وبمقتضى المهمة التي يضطلع بها حزبنا، فهو مطالب بأن يجعل من الفضاءات التي يتوفر عليها منابر مفتوحة على المحيط العام، حوارا ونقاشا وطرحا للقضايا الوطنية، أي العمل على إقناع المواطنين وفتح نقاشات معهم وتشجيعهم على ممارسة السياسة.
ينبغي علينا أن ندرك أن المجتمع الجزائري قد تغير وسيظل يتغير، وهذه الديناميكية في التغيير، تفرض على حزبنا أن يرافق هذه التحولات، التي يشهدها المجتمع، وأن يلعب دور الفاعل المؤثر الاجتماعي والسياسي.
كما أن المواطن الجزائري يريد أن يراقب عمل ونشاط أولئك الذين انتخبهم، ويريد أن تكون بينه وبينكم صلة الحوار الدائم والمتواصل، الأمر الذي يحتم على منتخبينا في كل المستويات تعزيز هذه الصلات والعلاقات الدؤوبة مع الناخبين والمواطنين.
وإنني أؤكد دعمنا لكل منتخبينا في أداء مهامهم، كما أننا نضع أنفسنا ومنتخبينا في المجالس المحلية والوطنية في خدمة المواطنين، هذا ما نلتزم به، تعزيزا لثقة المواطنين في منتخبي حزبنا وتمكينا لانتشاره وتكريسا لريادته.
وفي إطار هذا المسعى، نحرص على دعم المجموعة البرلمانية لحزبنا في كل من المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة، من خلال التشاور والتنسيق وتفعيل الأداء، ولا يفوتني أن أشيد بحرص نوابنا في البرلمان بغرفتيه على أداء مهامهم بإخلاص والوفاء لتعهداتهم الانتخابية وحرصهم الكبير على وحدتهم واستقرار المؤسسة التشريعية.
وإننا في حزبنا، نعبر عن كبير ارتياحنا وعظيم عرفاننا لما أقدم عليه رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون من التأسيس لتقليد سنوي يخاطب فيه الأمة عبر ممثليها في غرفتي البرلمان، هذا القرار الذي يعد مبادرة حميدة، تكرس إرادة الدولة في بناء الثقة بين الشعب ومؤسساته.
أيتها الأخوات، أيها الإخوة،
إن واجب العرفان يقتضي من حزبنا التنويه والإشادة، ليس فقط بما حققته الجزائر من إنجازات ومكاسب في ظرف وجيز، بل كذلك إبداء تقديرنا وعرفاننا للجهود المخلصة والمثمرة، التي يقدمها السيد رئيس الجمهورية، من أجل الجزائر وشعبها، وهذا ما يتجلى في مساره العامر بالعطاء في سبيل تعزيز سيادة الجزائر وتنميتها وأمنها واستقرارها وازدهارها وإعلاء مكانتها في محافل الأمم.
إن حصيلة الأربع سنوات تؤكد أن الجزائر منذ انتخاب السيد عبد المجيد تبون رئيسا للجمهورية، تشهد تحولا كبيرا وتطورا لافتا على مستويات وأصعدة عدة، حيث باشر ومنذ ذلك الحين، تنفيذ الالتزامات التي وعد بها الشعب الجزائري في برنامجه الانتخابي.
وهذه الالتزامات هي اليوم إنجازات ملموسة، ومن أراد أن يحاسب فله ذلك، وله أن يقارن بين وثيقة الالتزامات، وهي مكتوبة، وحصيلة الإنجازات، وهي قائمة ومَاثلةُ للعيان.
وإني أؤكد بأن حزبنا يساند مسار بناء جزائر جديدة بالقول وبالفعل، إنه شريك فعلي في هذه المعركة، من أجل الجزائر وطنا وشعبا، كما أنه يقف في صف الدولة ضد كل المؤامرات، التي تهدف إلى المساس بسيادتها ومؤسساتها ورموزها ووحدتها الوطنية وهويتها الوطنية الجامعة.
وإذ نجدد التأكيد على أهمية محتوى الخطاب الهّام، الذي ألقاه السيد رئيس الجمهورية أمام أعضاء غرفتي البرلمان وإطارات الأمة، فإننا نؤكد مواصلتنا دعم الجهود الرامية الى تعزيز المكتسبات المحققة في السنوات الأخيرة والاستمرار على نفس النهج نحو تحقيق مزيد من الإنجازات، تمكن الشعب الجزائري من أسباب الرفاه وتعزز مكانة الجزائر الرائدة في محيطها وبين سائر دول العالم.
أيتها الاخوات، أيها الإخوة،
إننا لجد مقتنعين بأن التحديات التي يتعين على بلادنا رفعها في ظل راهن إقليمي ودولي مُنْقَلبْ ومتأزم، تستدعي أكثر من أي وقت مضى تمتين اللحمة الوطنية وتعزيز الجبهة الداخلية، وإننا جاهزون لمبادرة وطنية في هذا الاتجاه مع كل الشركاء.
فالجزائر تواجه تحديات إقليمية ورهانات دولية معقدة، على غرار تنامي ظاهرة الإرهاب والتطرف العنيف والهجرة غير الشرعية، بالإضافة إلى التهديدات التي تواجهها المنطقة جراء محاولات التغلغل الصهيوني.
وكل هذه الأوضاع تستدعي تظافر جهود كل الأطياف من كل المشارب، لتقوية الجبهة الداخلية لمواجهة هذه التحديات، وكذا التصدي لمهندسي الفتنة ولكل من يريد عرقلة مسيرة بلادنا والعودة بها إلى مربع الأزمة.
وإني أدعو من هذا المنبر إلى ضرورة اليقظة والتجند لمواجهة ما تتعرض له الجزائر من مؤامرات واستهداف.
وسنكون في الميدان، داعمين ومؤازرين ومنخرطين عمليا وجماعيا في معركة حاسمة، تتعلق بحاضر ومستقبل الوطن لمواصلة مسيرة الإنجازات.
وإني أتساءل: ألا يستدعي كل هذا النجاح، الذي حققته بلادنا داخليا وخارجيا، الدعم والتثمين والتحصين؟.
ألا تستحق منا الجزائر، التي تقف اليوم شامخة، برئيسها وشعبها وجيشها العتيد وقراراتها السيدة ودبلوماسيتها المتفوقة ومواقفها المبدئية الراسخة، أن نكون في صفها، من خلال دعم عملي وميداني؟.
وإني من هذا المقام، أدعو كل القوى الحية الداعمة لمشروع الجزائر الجديدة إلى حشد قواها، ورفع صوتها عاليا، والوقوف سدا منيعا لإحباط كل الدسائس والمناورات الدنيئة، التي يضْمَرُهَا المتربصون وأذنابهم بالجزائر وخارجها.
إن هذه المواجهة تتطلب، ليس فقط إبراز صورة الجزائر اليوم، التي تبدو جلية من خلال الإنجازات، بل تتطلب كذلك خوض معركة شاملة، سياسية وإعلامية، تجنيدا لكل القوى الوطنية وإعلاء لمجد الجزائر، المحمية بشعبها الأبي وجيشها السليل.
وإنه لمن دواعي الفخر والاعتزاز أن أتوجه بتحية تقدير وإكبار لجيشنا الباسل، الجيش الوطني الشعبي، سليل جيش التحرير الوطني ولكل اسلاك الأمن المختلفة.
إن أبناء هذا الجيش الجمهوري، يشهد لهم التاريخ بصلابتهم وقوتهم في الدفاع عن وطنهم ووقوفهم إلى جانب الشعب، إنهم أبناء مؤسسة عريقة، ذات تاريخ مشرف، زاخر بصفات المجد والنصر.
وإننا نندد بكل المناورات، التي تستهدف مؤسسة الجيش وتريد المساس بجوهر وعمق العلاقة الوطيدة والوثيقة، التي تربط الشعب بجيشه.
أجل، لنا أن نعتز بجيشنا الوطني، حامي البلاد وملاذها الأَمينْ.. فَالتَحيةُ كل التحية إلى هذا الجيش وقواه الأمنية، الذي ما فتئ يقدم الشواهد البليغة على وفائه بالعهد والتزامه بقُدسية المحافظة على سيادة الجزائر وأمنها واستقرارها ووحدتها الترابية والشعبية.
أيتها الأخوات، أيها الإخوة،
لقد سبق لي، أن حددت مواقف حزبنا على الصعيد الدولي، وإنه لمن المفيد التذكير بأن استهداف الجزائر مرده حرصها الشديد على سيادة قرارها السياسي ومواقفها الداعمة للقضايا العادلة.
هذه المواقف، التي تعكس ليس فقط تطلعات الشعب الجزائري، بل كل الشعوب التواقة إلى الحرية والعدالة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية العادلة، وتصفية الاستعمار في الصحراء الغربية وتمكين شعبها من تقرير مصيره.
ومن هذا المقام، أحيي المواقف المشرفة، التي مافتئ السيد رئيس الجمهورية يعبر عنها باسم الجزائر، دفاعا عن حق الشعوب المستعمرة في افتكاك استقلالها وتقرير مصيرها، فلا تفريط في قضايا التحرر ولا تطبيع مع الكيان الصهيوني ولا مباركة للتطبيع.
إن فلسطين، هي قضية وطنية، وستبقى بوصلة الجزائر شعبا ورئيسا وجيشا وأحزابا وقوى فاعلة في المجتمع، مهما بلغت التحديات، ولن تحيد عن قضية الشعب الفلسطيني العادلة، ولن تتخلى أبدا عن استعادة شعب فلسطين حقه الوجودي والتاريخي والقانوني في بناء دولته الحرة والمستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
فمنذ أكثر من ثلاثة شهور، يشهد الشعب الفلسطيني في غزة وفي عموم فلسطين حرب إبادة موصوفة ومكتملة الأركان، وإن هذا الشعب يتم اليوم تخييره بين الخضوع والركوع للأمر الواقع والتنازل عن أرضه وعن حقوقه الوطنية المشروعة، وبين الإبادة الجماعية والتصفية العرقية على درب التصفية النهائية للمشروع الوطني الفلسطيني.
وإننا نجدد تضامننا المطلق مع الشعب الفلسطيني في مقاومته الباسلة التي أعادت القضية الفلسطينية إلى الواجهة، رغم الحرب الشاملة والمدمرة، التي تشنها قوات الاحتلال على غزة الصمود والتحدي، وإننا ندعو المجتمع الدولي والمحكمة الجنائية الدولية والمؤسسات والمنظمات الحقوقية الدولية بمتابعة قادة الكيان الصهيوني وجيش الاحتلال لما يقومون به من جرائم حرب موصوفة وفق القانون الدولي.
وبخصوص الصحراء الغربية، فإن حزبنا يجدد دعمه الثابت لنضال الشعب الصحراوي بقيادة ممثله الشرعي جبهة البوليساريو، وتمكينه، باعتباره صاحب السيادة الوحيد، من ممارسة حقه، غير القابل للتصرف ولا المساومة، في تقرير المصير والاستقلال.
وإننا نحذر من عواقب وتبعات السياسة العدوانية التوسعية لدولة الاحتلال المغربي، وما تزرعه من ألغام التوتر واللااستقرار في المنطقة، كما ندعو كل الهيئات المعنية إلى الإسراع في إنهاء الاحتلال العسكري المغربي، في آخر مستعمرة في إفريقيا.
أيتها الأخوات، أيها الإخوة،
بما أنني التزمت مع ضميري شخصيا، فإنني أحرص على تمكين كل واحد من المناضلين من العطاء للحزب وألا يشعر أي أحد بحيف أو غبن، شريطة الالتزام بخط الحزب واحترام مبادئه وأخلاقه وعدم المساس بذمته وبأمواله المقدسة.
إننا مقبلون على تطبيق برنامج عمل، يتمحور حول أهداف محددة، ترمي إلى رص صفوف الحزب وتحديث أساليب عمله وتعزيز انتشاره وتقوية نجاعة نشاطه الميداني وتمتين تموقعه في الساحة السياسية.
وسنعمل في المرحلة القادمة على تمتين البيت الحزبي، من خلال تفعيل أداء الهياكل القاعدية وتوسيع الوعاء النضالي والانفتاح على المحيط العام وتحسين أداء المنتخبين المحليين والوطنيين، والاسهام الفعال في كل المجالات التي تقتضيها مصلحة الوطن.
ومن أجل تجسيد هذه الانطلاقة الفعلية الجدية والجادة لنشاط الحزب، لم أتردد ولن أتردد في اتخاذ الاجراءات المناسبة التي تسمح بمعالجة الاختلالات المبررة قانونا.
وفي منظور تثمين مواقف ونشاط الحزب وعصرنته، سنولي أهمية بالغة لقطاع الإعلام والاتصال وتكنولوجيا الإعلام الحديثة.
كما أنني بصدد التفكير في إنشاء معهد لتكوين الإطارات، ويندرج ذلك في إطار اهتمامنا بالتكوين والتثقيف السياسي.
أيتها الأخوات، أيها الإخوة،
قصد مواصلة المتابعة والتنشيط لكل واحدة من قضايا الساعة السياسية الكبرى، ومعالجة الملفات الحساسة، التي تهم الحياة الداخلية لحزبنا وللبلاد ككل، فإنني سأقترح عليكم في نهاية الدورة، طبقا لقوانين الحزب، تشكيلات اللجان الدائمة للحزب وكذا تشكيلة المكتب السياسي، للمصادقة عليها.
كما قررت على مستوى ديوان الأمين العام تعيين عدد من المراقبين الوطنيين، أعضاء اللجنة المركزية العارفين بشؤون الحزب، ومن جهة أخرى تعيين عدد من المستشارين من أعضاء اللجنة المركزية وكذلك من الإطارات المناضلة خارج اللجنة المركزية.
وأؤكد على أن عضوية المكتب السياسي لحزبنا لا تعني احتلال مقعد كملاحظ، بل يكون العضو “فاعلا وفعالا”، وهذا لا يمثل امتيازا أو إجازة، بل هي مسؤولية وعبء على المعني أن يتحملها ويقوم بها بالتكامل والتعاون مع باقي الأعضاء وهم منبثقون منكم وينتظرون منكم الدعم والمساندة للقيام بمهامهم على أكمل وجه.
وبالنسبة للجان الدائمة للحزب، فلا يمكن لإدراج كل اعضاء اللجنة المركزية في تشكيلاتها، لن أعدادها محدودة طقا للقانون الأساسي، ولكن هذا لا يمنع من أن أي عضو يمكنه الاسهام في نشاط أي لجنة بمختلف الوسائل المتاحة.
وسأعمل على تشكيل لجان استشارية وتقنية على مستوى ديوان الأمين العام يتكفل بقضايا الشباب، المرأة، الرقمنة، الفلاحة، الاقتصاد والشؤون الخارجية، كما يمكن تشكيل لجان مؤقتة كلما اقتضت الضرورة لذلك.
أيتها الأخوات، أيها الإخوة،
معا سوف نسعى نحو النجاح، إذا ما تحلى كل واحد منا بالنزاهة والالتزام بالقيم والمبادئ، التي أسسنا عليها فخرنا ووحدتنا وولاءنا للجزائر.
معا سوف نسعى نحو النجاح، إذا ما جند حزبنا كل طاقاته، وإذا ما استطعنا مواكبة التحولات العميقة، التي يعرفها المجتمع.
في الأخير، أود أن أجدد خالص شكري لكم، على الثقة التي شرفتموني بها، وهي ثقة أدرك حقيقة وزنها، وآمل في دعمكم لتحقيق أهدافها لصالح حزبنا ولصالح الجزائر الغالية وشعبها الكريم.
وتهانينا الصادقة لكم، بمناسبة حلول السنة الميلادية الجديدة، وكل عام والشعب الجزائري بألف خير، وكل عام والجزائر تزداد تطورا وازدهارا.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
تحيا الجزائر حرة
عاش حزب جبهة التحرير الوطني
المجد والخلود للشهداء الأبرار