يعبر حزب جبهة لتحرير الوطني عن اعتزازه الكبير بالنتائج الهامة والأصداء الإيجابية للزيارة الناجحة، التي قام بها رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون إلى كل من قطر والصين وتركيا، وقبلها إلى روسيا، كما يعتبر هذه الزيارة في هذا الظرف الدولي الحساس فرصةً ثمينة لبناء علاقات متنوعة ومتوازنة وشاملة، مبنية على السيادة الكاملة والاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.
فهذه الزيارة المراطونية، التي أثارت اهتمام وسائل الإعلام ودوائر الحكم في العالم، نظرا لطبيعتها ومحتواها وأبعادها، وكذلك لما تميزت به من استقبال الكبار، الذي حظي به شخص السيد رئيس الجمهورية، كانت مناسبة للسيد الرئيس لبعث رسائل سياسية ودبلوماسية، تجسد رزانة وعقلانية السياسة الخارجية الجزائرية، وفي نفس الوقت حملت إشارات واضحة لكل من يعادي الجزائر أو يتآمر عليها، كما أعطت الزيارة للعلاقات الجزائرية مع هذه البلدان الشقيقة والصديقة أبعادا جديدةً، تضمنتها اتفاقات شراكة استراتيجية، بما فيها تنويع العلاقات الاقتصادية والارتقاء بها إلى استثمارات حقيقية، تعود بالنفع المشترك.
إن ما ميز هذه الجولة الخارجية هو أنها تندرج في سياق تصويب اتجاه بوصلة السياسة الخارجية لبلادنا في دوائر جديدة، وإعطاء الأهمية لأولوية دبلوماسية التنمية، لاسيما عبر الدبلوماسية الرئاسية، وهو ما جعل الزيارة تتميز بالصبغة الاقتصادية، بالنظر إلى الإرادة السياسية، التي تحدو الجزائر في بناء اقتصاد متنوع ومتين، من منطلق أن امتلاك الدولة اقتصادا قويا يتيح لها هامشا كبيرا من الحركة الدولية وقوة التأثير.
كما يجب تسجيل بأن هذه الزيارة كانت خطوةً متقدِمة في طريق استغلال التحولات الدولية نحو عالمٍ متعدد الأقطاب، فمحطة السيد الرئيس بقطر والصين وتركيا وقبلها روسيا وإيطاليا، كانت لتجديد الاتفاقات والتوافق والتفاهم والصداقة، كما كانت فرصة لتمرير رسائل قوية للسياسة الخارجية الجزائرية، بأنها ترفض النظام الاقتصادي الدولي وأنها تعمل على الانضمام إلى “بريكس” لتعديل هذا النظام بما يتوافق مع تحولات العالم والبحث عن نظام اقتصادي أكثر عدلا.
وشكلت هذه الزيارة الهامة، من حيث نتائجها وأبعادها، نقطة تحول في مسار العلاقات الاستراتيجية للجزائر، في ضوء استعادة بلادنا دورها المحوري وحرصها الدائم على الاحتفاظ بعلاقات متوازنة مع كافة القوى الفاعلة على الساحة الدولية بلا استثناء، وفي مختلف القارات، اعتمادا على المصلحة الجزائرية في الأساس، وانطلاقا من أن الجزائر ذات سيادة وتحكم علاقاتها الدولية مصالحها، مع مراعاة الندية والتوازن في العلاقات الدولية.
وقد أعطت الزيارة صورة جديدة عن الجزائر، بقيادة رئيس الجمهورية، التي هي اليوم قوة إقليمية هامة ومؤثرة في المنطقة، غيورة على استقلالها، ولا تقبل المساومة في قراراتها السيادية، فهي دولة حرة، ولاعب فاعل في المجال الجيوسياسي، تمتلك مقومات وعناصر القوة الشاملة للدولة سياسيا واقتصاديا وعسكريا، كما يحظى رئيسها بتقدير واحترام جميع زعماء العالم، حيث يرون فيه سياسيا محنكا يملك خبرة وبعد نظر في التعامل مع الأحداث والمواقف وفي السعي الدائم للسلام العالمي وفي المساهمة في تعبئة كافة الفاعلين للانخراط في رؤية جديدة للقانون الدولي، أكثر عدلا وإنصافا، وفي صالح كافة شعوب المعمورة.
إن حزب جبهة التحرير الوطني، الذي يتخندق، مع كل القوى الوطنية، على خطِّ الدفاع الأول لدعم المواقف السيادية والمشرفة للدبلوماسية الخارجية للبلاد، يجدد تثمينه وإشادته بما أسفرت عنه هذه الزيارة الموفقة والناجحة، من حيث الاختيار والظرف والنتائج، والتي كشفت، مرة أخرى، عن حجم الجزائر وثقلها في الساحة الدولية، حيث أنها تمتلك مقومات الدولة القوية، على المستوى الخارجي، في مواقع التأثير الدبلوماسي، واحترام المكانة التي أصبحت تحظى بها كفاعل في المحيط العربي والإفريقي والمتوسطي وحتى على المستوى الدولي.
فمبروك للجزائر بهذا الإنجـاز الكبير، وهنيئا لرئيـــس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، الذي يمضي بخطى ثابتة نحو جزائر متطورة ورائدة ومفتوحة على الانجازات والانتصارات.