أبى الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني عبد الكريم بن مبارك، إلا أن يضمن كلمته، التي ألقاها في الدورة الأولى للجنة المركزية، وعقب تزكيته بالإجماع أمينا عاما، عديد المعالم الكبرى لسير الحزب وتحديد توجهاته في المستقبل المنظور والبعيد، وجاءت تلك الكلمة، بمضامينها وأبعادها، محملة برؤية واضحة لما ينبغي أن يكون عليه الحزب في سياق اضطلاعه بمهامه، خاصة ما تعلق بالمساهمة الفعالة في استكمال بناء الجزائر الجديدة، بقيادة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون.
فبوصلة الحزب موجهة نحو المستقبل بإرادة حازمة من مسؤوله الأول، أما الماضي فلم يعد يجذب الحزب إلى الوراء، خاصة بعد أن عقد العزم، بناء على الآفاق التي حددها المؤتمر الحادي عشر، على الانطلاق في مرحلة جديدة، في كنف الوحدة والانسجام والرؤى الواضحة، وهذا ما حرص الأمين العام للحزب على التأكيد عليه، من خلال عديد الالتزامات، التي تعهد بها، والتي نذكر منها ما يلي:
إن اللجنة المركزية الجديدة جاءت طبقا لمعايير مضبوطة ومدروسة، وفق شروط موضوعية ركزت في مجملها على:
نزاهة المترشحين، الولاء للحزب، إدماج عنصر الشباب لتواصل سليم وصحيح للأجيال واشتراط الكفاءة والقدرات العلمية.
إن الظرف « يحتم علينا اليوم لم شملنا والتصالح مع أنفسنا وحشد قواتنا ونشر ثقافة التسامح بيننا وإشراك طاقاتنا واستغلال مقدراتنا ورسم أهدافنا على ضوء استشراف ناجع وعمل جاد لكل الجزائريين ولجزائر الجميع»
إن هذه المحطة « مصيرية تقييمية من أجل بناء استراتيجية مستقبلية لإعادة الأمل والثقة في صفوف المناضلين متعاهدين معهم ومستعدين لتطوير حزبنا بيد ممدودة للجميع، دون استثناء عاملين على نشر ثقافة الصلح والتعايش بين صفوفنا».
إن « التنمية الشاملة للبلاد من صلب اهتمام حزبنا كقوة سياسية أولى، وعليه، فإننا نثمّن برنامج السيد رئيس الجمهورية وندعمه ونشاركه الرؤى ونشاطره الحلم والاعتقاد، إيمانا منا أن القيادة السياسية العليا لها من البصيرة وبعد النظر ما يؤهلها لدفع عجلة التنمية ومن الحرص ما يجعل الوطن والمواطن في أياد آمنة.
وتؤكد هذه الالتزامات، التي تعهد بها الأمين العام للحزب، على أن الأفلان قد خرج نهائيا من حالة الشد والجذب، موحدا ومتماسكا، راسخا في مبادئه ومحافظا على كيانه، كحزب وطني، يحتل صدارة المشهد السياسي في البلاد، محكوم عليه أن يكسب نفسه وأن يؤسس للنضال المجدي المرتكز على وحدة صلبة، تقوم على التنافس بالأفكار والجدارة من أجل خدمة الحزب والجزائر.
وحين يشدد الأمين العام للحزب على أنه« أصبح تلاحمنا أكثر من ضرورة وتماسكنا أكبر من حتمية، والتسامح فيما بيننا شرط لتحقيق ما هو أفضل، فوجب الالتفاف حول قيادتنا السياسية والتخندق إلى جانب جيشنا، سليل جيش التحرير الوطني، مفخرتنا وحامي ربوعنا »فإنما يؤكد على حقيقة ثابتة، تقول: إن جبهة التحرير الوطني، منذ لحظة الميلاد إلى اليوم، هي في صف الدولة ومؤسساتها وجيشها العتيد وخدمة الشعب وتبني قضاياه المشروعة.
وإنه لجدير بالذكر، أن جبهة التحرير الوطني قد تداول على المسؤولية فيها عديد القيادات، إلا أن الثابت في هذا المسار الطويل هو أن الأشخاص، مهما كانوا، هم إلى زوال وغياب، إلا جبهة التحرير الوطني ظلت أكبر من الجميع. هذا هو الدرس المفيد، الذي ينبغي الاستعانة به، لتحصين قلعة الأفلان وتثمين مكاسبه وعدم المجازفة بتاريخه أو رهن مستقبله وتشتيت جهده وفكره في الصراعات العبثية.
وقد انتخب المؤتمر الحادي عشر لجنة مركزية، روعي في أعضائها مقاييس محددة، في مقدمتها الكفاءة، وإنه لمن المفيد التنويه بالحرص على إبعاد كل من تشوبه شائبة الفساد، وهذه سابقة ينبغي الإشادة بها.
كما زكت اللجنة المركزية عبد الكريم بن مبارك أمينا عاما للحزب، في أجواء نضالية حماسية، مسنودة بالوعي والشعور بالمسؤولية، وكانت هذه التزكية إقرارا بما يتوفر عليه الأمين العام الجديد من سيرة ذاتية مشرفة، أهلته لتولي هذا المنصب بكل جدارة واستحقاق.
افتتاحية جريدة صوت الأحرار