من كان يصدق أن الأفلان سيخرج منتصرا في الانتخابات التشريعية، التي جرت في 12 جوان من السنة الماضية، ومن كان يصدق أن هذا الفوز سيتعزز بفوز جديد في انتخابات المجالس البلدية والولائية، التي جرت في 27 نوفمبر من نفس السنة،
كان أكثر المتفائلين يرى أن الأفلان، بالنظر إلى الحملة الشرسة التي استهدفت وجوده، لن يخرج من الانتخابات سالما وأن حظوظه ستكون ضئيلة إن لم تكن قاتلة، وذهب العديد من ادعياء السياسة ووسائل الإعلام إلى الحديث عن ” العزل السياسي” الذي سيطال الأفلان.
لكن قيادة الحزب رفعت التحدي، وكان لها ما أرادت، لأنها لم تستسلم لطروحات الفشل ودعاة المتحف ولم تخضع لأحلام المبشرين بالهزيمة، فحزمت أمرها واعتمدت على ما يمتلكه الحزب من قوة كامنة، وعلى ما يحظى به من ثقة لدى الشعب، فكان العزم على خوض المعركة الانتخابية بتميز واقتدار وكانت القناعة بأن الفوز ممكن وأن الريادة في المتناول.
وفي الوقت الذي كان رهان الفاشلين والمهزومين هو أن مصير الأفلان سيكون ” التبدد” والاندثار، كان الشعار الذي رفعته قيادة الحزب هو ” نتجدد ولا نتبدد”، كان هذا هو التحدي، الذي التزمت برفعه، وكان التوجه إلى الفعل في المستقبل بدل البقاء في الماضي أو الانكماش على الذات وانتظار ما قد تأتي به الأيام.
ولم تستسلم قيادة الحزب إلى الحملات الظالمة، التي استهدفت زعزعة المناضلين وضرب قناعاتهم وتشويه صورتهم، إنما واجهتها بقوة، ودافعت عن حق الحزب في البقاء والاستمرارية، خاصة وأن مطلب ” المتحف”، الذي رفعه خصوم ثورة التحرير وتدعو له تيارات أيديولوجية معادية- وهو الذي يحمل مخاطر كبيرة- ليس مطلب الشعب الجزائري ولن يكون.
أدركت قيادة الحزب أنه من الضرورة الملحة والعاجلة، إعادة إبراز صورة الأفلان وضبط معالمه وبلورة توجهاته، بعد أن تسببت سياسات خاطئة ومدمرة وممارسات فوقية مهلكة، في تضييع المبادئ والقناعات وفي سيطرة الوصولية والانقسامات، مما أدى إلى تشويه صورة الحزب وإحداث القطيعة مع الشعب.
انتصر الأفلان في الاستحقاقين المذكورين، ولم يتبدد، لأنه يتغير ويتجدد ويتطور، رغم كل الإكراهات القائمة، ولأنه أدرك أنه مطالب بأن يراجع نفسه، يتأمل ويتدبر ويستشرف ويصحح، كما أنه أدرك أنه مدعو إلى تأكيد قدرته على التأقلم والتكيف مع المتغيرات والمستجدات، والبرهنة على أنه أكثر قربا من المواطن، واضعا نفسه تحت طلبه ورهن إشارته، في إصغاء دائم للشعب، لأنه بالشعب يكون وبدونه لن يكون.
الأفلان في الصدارة (2)
اترك تعليق